10.10.2019
كلمة رئيس الإدارة الدينية لمسلمي روسيا الاتحادية رئيس مجلس شورى المفتين لروسيا فضيلة المفتي الشيخ راوي عين الدين التي ألقيت في المؤتمر السابع للإدراة الدينية لمسلمي روسيا الإتحادية

بســم الله الـرحمــن الرحيــم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين

أعزائي وفود المؤتمر السابع للإدارة الدينية لمسلمي روسيا الاتحادية، ضيوف الحفل الكريم ، إخواني وأخواتي الأعزاء

 السلام عليكــم ورحمـة الله وبركاتــه


أسأل الله العلي القدير أن يكلل إجتماعنا بالنجاح المثمر وأن يجعله مساهما في تعزيز الروابط الأخوية ووحدة الأمة ، ترسيخ الدين. كما أدعو الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا إلى اتخاذ القرارات التي تعود بالفائدة على مسلمي روسيا وعلى المجتمع الروسي بأسره والتي .تمكننا بإذنه جل وعلى من تحقيق إنجازات جديدة وأن تكون هذه القرارات بمثابة أسس لجهود مستقبلية واعدة

كما تعلمون ، عقد في مدينة موسكو ، عاصمة روسيا الاتحادية ،المدينة المزينة بقباب ذهبية ليست فقط للكنائس الأرثوذكسية ولكن أيضًا للمساجد ، المؤتمر العلمي المتزامن مع الذكرى الخامسة والعشرين لتأسيس الإدارة الدينية لمسلمي روسيا الإتحادية والذكرى الخامسة عشر بعد المائة لمسجد موسكو الجامع الذي يعتبر اللبنة الأساسية في تأسيس الإدارة الدينية لمسلمي روسيا الإتحادية.

تواصل الإدارة الدينية لمسلمي روسيا الإتحادية العمل المتوارث منذ القدم في نشر الإسلام وتطوير الحياة الدينية الإسلامية في العاصمة الروسية حيث وأنه على مدار القرن الماضي كانت الإدارة تمارس أعمالها في مسجد موسكو الجامع الذي كان يوحد ليس فقط مسملي جمهورية روسيا الاتحادية الاشتراكية السوفيتية ولكن جميع مسلمي جمهوريات الاتحاد السوفيتي وكان يعتبر المعبد الإسلامي الوحيد المفتوح في مناطق واسعة من الجزء الأوربي الأوسط من روسيا.

عقدت الجمعية التأسيسية للإدارة الدينة اجتماعها الاول في يناير عام 1994 وسرعان ما عُرضت على الجمهور نتائجه. للتعرف على الأجواء التي نشأت فيها إدارتنا الدينية وعلى الأهداف التي وضعت لها منذ البداية أطلب من حضراتكم إلقاء نظرة على المقاطع المسجلة في 29 يناير 1994 ، عندما عرضت على شاشة سينما "أكتوبر" شرائح عرض عن الإدارة الدينية لمسلمي الجزء الأوربي الأوسط من روسيا (مجلس شورى المفتين لموسكو) وبهذا خطت الإدارة أولى خطواتها لتكون إدارة دينية في عاصمة دولة فيدرالية – روسيا الاتحادية 


الأساسيات التي تأسست عليها الإدارة الدينية


أعزائي مشاركي وضيوف المؤتمر ، سيكون من المناسب اليوم تلخيص إنجازات الإدرارة الدينية ليس فقط خلال فترة الخمس سنوات المنصرمة ، ولكن على مدار كامل فترة عمل الإدراة منذ التأسيس و البالغة 25 عامًا. أريد أن أنوه أنه على مدار الربع القرن الماضي ، على الرغم من كثرة المشقات المختلفة التي عاشها مسلمي روسيا لم ننحني عن المسار الذي حددناه في بداية طريقنا مع الجمعيات المؤسسة للإدارة الدينية حيث حافظنا على أن تبقى الأهداف كما هي:

        أولاً ، إحياء الإرث الروحي والفكري والثقافي للإسلام في روسيا وتوجيه المعاصرين إلى دراسته ؛

      ثانياً ، الشعوربالوطنية والإيمان بالتواصل والتعاون المستمر بين الدولة والجهات الإسلامية بحيث يكون رجال الدين والمنظمات الإسلامية حلفاء ومساعدين لرجال الدولة وممثلي الحكومة المنتخبين وتقوم الحكومة بدورها بالإستماع إلى آراء المسلمين ومراعاة مصالحهم وتدعم وحدة الأمة الروسية وترعى الإحترام المتبادل بين كافة الطوائف والأديان ؛

       ثالثًا ، التمسك بالقيم الإنسانية وإعتبار الحوار مبدأ أساسياُ لنجاح العلاقات الاجتماعية وكذلك مراعاة التعددية بما في ذلك التعددية الدينية على أنها أتت وفقًا لنظام الله سبحانه وتعالى في الكون.

في الجوانب العقائدية نحن نرجع إلى مذهب الإمام أبي حنيفة الكوفي وأبي منصور الماتريدي و بهاء الدين النقشبندي. أما من الناحية الفكرية والمنهجية، و من خلال مركزنا الدييني - منارة الأمة - في مسجد موسكو الجامع فنحن نتبع خطى مؤسسي التجديد شهاب الدين المرجاني وحسين فيزخانوف.

 

هيكل الإدارة الدينية

 

في بدايات تأسيسها ضمت الإدارة الدينية أقل من 40 مؤسسة واليوم يصل العدد إلى ألفين. حاليا و تحت إشراف الإدارة الدينية تم بناء وإعادة تأهيل وترميم وفتح وتجهيز أكثر من 1000 مسجد ومركز ثقافي إسلامي ودور للصلاة ومؤسسات تعليمية ، والتي أصبحت مراكز لتعليم القيم الأخلاقية والدينية ولتعزيز الأخوة والثقافة الدينية.

بالنظر إلى أن معظم هذه المساجد تقع في المدن، وغالبًا ما تكون المؤسسات الإسلامية هي الوحيدة المتاحة للمسلمين الذي يعيشون في المدن ، فإن عدد أخواننا المسلمين الذين يتلقون التعليم الديني و التوعية والدعم الاجتماعي في مساجدنا يقدر بالملايين. يكفي أن نشير إلى أن عدد المسلمين اليوم في موسكو وحدها يقدر بأكثر من مليوني ونصف المليون ، كما أن مليون مسلماُ على الأقل يعيشون في ضواحي مدينة موسكو وفي مدينة سانت بطرسبرغ. أما في يكاترينبرج ، بيرم ، تيومين ، أومسك ، روستوف ، يبلغ عدد المسلمين مئات الآلاف. تلعب الإدرات الدينية بالإضافة الى المراكز الثقافية والمدارس والجامعات الإسلامية دورا هاما في الإرشاد الديني والأخلاقي لهذه المكونات الهامة للمجتمع الروسي.

تم افتتاح حوالي 50 وحدة من وحدات البنية التحتية الإسلامية ، مثل المساجد ودور الصلاة والمراكز الثقافية والتعليمية بالإضافة إلى أنه منذ آخر مؤتمر لنا في عام 2014وحتى هذا العام تم تسجيل أكثر من 126 منظمة دينية جديدة تدخل تحت الإدراة الدينية لمسلمي روسيا الاتحادية و تم إنشاء 14 منظمة دينية مركزية إقليمية جديدة .

تمتلك الإدارة الدينية منظماتها الخاصة في جميع المقاطعات الفيدرالية الروسية الثمان، وكذلك تدير أعمالها في 53 كياناً من مكونات في الاتحاد الروسي.

توطدت العلاقة و التعاون بين المنظمات الإقليمية والمكتب المركزي بشكل كبير. وقد ساهم في ذلك عدة عوامل مثل: إطلاق برنامج رفع الكفائة للموظفين المحليين ، العمل الناجج للمكتب المركزي ، رحلات منتظمة للموظفين إلى المناطق الأخرى ، إنشاء مكاتب في المقاطعات الفيدرالية كممثلية للإداردة الدينية لمسلمي روسيا الإتحادية.

 

العلم والتعليم

 

إن الحياة الدينية بمعناها الحقيقي والهادف ، كما قيل قبل 25 عامًا، لا تنتهي مع تسجيل مؤسسة دينية وبناء مسجد ولكنها تبدأ.

في عام 1994 ، واجهنا نقصًا في عدد الأئمة ولكن ذالك النقص في قدر بعشرات الأشخاص أما اليوم فيصل عدد المؤسسات الدينية إلى المئات والآلاف واكتفاء المنظمات الدينية بطواقم مؤهلة بعيد المنال. ومع ذلك ، يمكننا أن نقول بثقة تامة أنه بمساعدة الدولة والدعم المباشر من قبل رئيس روسيا الإتحادية ، فلاديمير بوتين ، تم إنشاء نظام تعليمي إسلامي جامعي مكون من ثلاث مراحل (بكالوريوس وماجستير ودكتوراه) ويساهم هذاالنظام في تجهيز الكوادرالمؤهلة ليس فقط في 17 مؤسسة تعليمية تعمل ضمن الإدارة الدينية لمسلمي روسيا الإتحادية ولكن أيضًا في المؤسسات التعليمية الأخرى التي نقوم بإرسال طلابنا إليها . منها 7 مؤسسات تعليمية تدرس فيها مناهج التعليم الديني المتوسط والعالي وتندرج مباشرة ضمن الإدارة الدينية لمسلمي روسيا الإتحادية.  

الجدير بالذكر أنه في 1994 م كان عدد الطلاب الدارسين في المعهد الديني العالي بموسكو قرابة العشرات ، أما الأن فإن عدد الطلاب الدارسين في المؤسسات التعليمية التي تتبع الإدارة الدينية لمسلمي روسيا الإتحادية يقترب من 1000 طالب. ومنذ 1994 تم تنظيم العديد من دورات رفع الكفائة لأكثر من 40 دفعة وبلغ مجموع المستقيدين أكثر من 3000 شخص.

الكثيرون منا عاشوا حقبة نهاية الثمانينيات وبداية التسعينيات عندما كانت طباعة القرآن أو نشر كتاب ديني يعتبرحدثا جللاُ للأمة. نتذكر تلك الفرحة العارمة عندما قرأ العديد منا أول ترجمة شعرية لمعاني القرآن الكريم باللغة الروسية التي قامت بها الأخت فاليريا إيمان بوروخوفا رحمة الله عليها.

اليوم بفضل من الله نقوم بنشر مئات الكتب كل عام ولدينا الإمكانية لإرسالها إلى جميع المكتبات العامة.نذكر هنا بعض التفاصيل المهمة: نظرًا لعدم وجود الطاقم العلمي المختص وعدم التمكن من الحصول على الكتب العقائدية القديمة في حقبة ما فإن جزءا كبيرا من المراجع الدينية المكتوبة باللغة الوسية تعتبر تراجم لأعمال نشرتها مراكز إسلامية أجنبية.

أما اليوم فبحمد الله نقوم بنشر الكتب والمراجع التي تلبي متطلبات أعلى المعايير ، والتي وجدت قبولا وطلبا واسعاُ ليس فقط في بلدنا ولكن في جميع أنحاء العالم. وقد تم طرح المزيد من التفاصيل عن هذا الموضوع في المنشورات التي قدمت خلال فعاليات المؤتمر. أعتقد أنكم ستوافقونني الرأي على أن الإدارة الدينية خلال السنوات الخمس المنصرمة عملت بوتيرة عالية شبيهة لعملية إحياء الدين في التسعينيات.

بفضل الله ، نقوم اليوم بإستعادة شجرة نظام الإدارة الدينية بوتيرة متسارعة. هذه الشجرة التي يمثل جذورها المؤسسات والمنظمات المحلية. تتغدى شجرتنا على التراث العلمي والعقائدي الغني المتوارث من أسلافنا ، الذين أسلموا قبل 14 قرنا بحسن نية وإخلاص وحافظوا على إيمانهم في أصعب الفترات المأساوية في التاريخ. إن ثمار هذه الشجرة تتجلى في مشاريع وإنجازات علمية وثقافية واجتماعية لا تخص المسلمين فحسب بل تمثل ثروة ثقافية عامة لدولتنا وللعالم بأسره.

 

الحوار بين رجال الدولة ورجال الدين

 

خلال الـ 25 سنة السابقة ومن أجل التغلب على العديد من مشاكلنا وتحقيق العديد من الأهداف كان من الضروري الحصول على دعم القيادة الروسية. إذا نظرنا إلى الوراء فإنه على مدار الـ 25 عامًا ، تم تلبية معظم المطالب الأساسية للمسلمين الروس. الحديث هنا لايدور عن مشاريع إدارتنا الدينية أو مجلس شورى مفتيي روسيا فحسب ، ولكن حول العديد من المصالح الهامة لمسلمي روسيا.

من بينها على سبيل امثال الإعتراف الرسمي بأن مسلمي روسيا يعتبرون جزء من المجتمع الإسلامي العالمي والحضارة الإسلامية وتمثل هذا الإعتراف في الانضمام إلى منظمة التعاون الإسلامي كدولة مراقبة. كذلك نذكر هنا الجهود الجبارة التي قام بها الأخ الراحل أحمد حاجي قاديروف ،رحمة الله عليه ،في تحقيق السلام في الشيشان وبفضل الله ثم بفضل الإرادة السياسية إستطاع الشعب الشيشاني إعادة بناء جمهوريته وفقًا لتقاليده واليوم توجد في روسيا سبع جمهوريات غالبية السكان فيها ينتمون الى الإسلام وإلى تراثه التاريخي والثقافي.

نذكر كذلك جمهورية أوسيتيا الشمالية وألانيا وجمهورية أديغيا وجمهورية القرم ، حيث يشكل المكون الإسلامي فيها عاملًا فعالا في تشكيل الثقافة قديما وحاضرا. أصابت جمهوريات أوسيتيا الشمالية والقرم العديد من المحن ونحن اليوم نذكر في صلواتنا ضحايا الأعمال الإرهابية التي حدث في مدرسة بيسلان، ولكن في نفس الوقت نشكر الله سبحانه وتعالى على إعادة إعمار وترميم المواقع التاريخية لحقبة الإزدهار الإسلامي في أوسيتيا الشمالية وفي جمهورية القرم . ننتظر بحماس كبير افتتاح الجامع الكبير في مدينة سيمفيروبول ، والذي سيكون حجم مظهره الخارجي مطابقا للدور الكبير الهام للغاية الذي يلعبه تتار القرم في تاريخ القرم القديم والحالي. في صلاتنا ، ندعو الله تعالى أن يمكن مسلمي أديغيا من إعادة بناء المسجد التاريخي الذي تم تأسيسه في عام 1907 في مدينة مايكوب. في كل هذه الجمهوريات والتي يحضر مفتيها لقائنا اليوم، يظهر الإسلام كمكون هام ومؤثر في الحياة الاجتماعية حيث بنيت أو تبنى الجوامع الكبيرة والمؤسسات والجامعات والمعاهد الإسلامية والمؤسسات الإعلامية .         

تم ترميم العديد من المساجد التاريخية ، وفي الوقت نفسه بنيت المساجد الجديدة في عدد من المدن لأول مرة.

لأول مرة في تاريخ روسيا ، تقوم الدولة بدور فعال ونشط في تدريب الموظفين من خلال تنفيذ البرامج المختلفة ، ولأول مرة ، تدعم الدولة نظام التعليم الإسلامي.   

إن افتتاح مسجد موسكو الجامع ليس إنجازًا خاصًا ، ولكنه يعتبر إنجازا للمجتمع الإسلامي كله في روسيا ويجسد المستوى العالي للتعاون بين الدولة والمنظمات الإسلامية في القرن الحادي والعشرين. نحن ممتنون لرئيس روسيا فلاديمير بوتين ، على الدعم الذي قدمه لبناء مسجد موسكو الجامع ومشاركته الشخصية في افتتاحه . اليوم يجتمع في مسجد موسكو الجامع مئات الآلاف من المسلمين في عيد الفطر وعيد الأضحى المبارك كما يجتمع عشرات الآلاف كل أسبوع لأداء صلاة الجمعة.   

في العديد من الأماكن التي يقطن فيها الكثير من المسلمين ، يتم تأسيس جمعيات إسلامية محلية لإحياء العبادات والتقاليد الدينية. ظهرجيل جديد من مثقفي روسيا المسلمين المعاصرين ، ومع تطور الحياة الثقافية للمسلمين الروس تم التغلب على مشكلة حظر نشر وتوزيع الكتب الدينية .

نحن نقدر تقديرا عاليا حقيقة أن دولتنا تستمع إلى أراء المسلمين وتبدي إستعدادها التام لاتخاذ القرارات المسؤولة للتوصل إلى توافق الآراء والأفكار والمصالح.

في المرحلة الحالية ، أهم مجالات الحوار بين الدولة من جانب وبين المنظمات الإسلامية من جانب أخر هي: تطوير التعليم والبحث العلمي ، إنشاء مجلس لمناقشة الأطروحات والرسائل الإ في العقيدة الإسلامية ، إحياء المدرسة الوطنية للعقيدة الإسلامية ؛ إيجاد حل وسط في مسألة الحفاظ على الطبيعة العلمانية للمدارس الروسية مع التقيد الصارم بمبدأ الحرية الدينية و الانسجام الثقافي والاجتماعي للمسلمين ، خاصة أولئك الذين يأتون إلى المجتمعات المدنية كمهاجرين من أماكن أخرى.


تحديات داخلية

 

دعوني أنتقل إلى مناقشة المشاكل والتحديات التي تواجهنا اليوم. سأبدأ بالقضايا والمسائل التي تتطلب اهتمامًا خاصًا وعملًا شاقًا وعزيمة قوية ، علاوة على ذلك ، سوف نركز ليس فقط على مؤسساتنا الدينية ، ولكن على الإسلام في روسيا بجميع مؤسساته بشكل عام.

على الرغم من أنني تحدثت في وقت سابق عن ظهور جيل مثقف ومبدع من شبابنا كجزء من الأمة الروسية ، فإن الإمكانيات الفكرية العامة لأمتنا تتطلب المزيد من العمل الشاق حيث نحتاج إلى علماء وأخصائيين مؤهلين تأهيلا عاليا والى أصحاب المهن الإبداعية الذين يتقاسمون القيم الإسلامية فيما بينهم والذين يمكن للأمة الاعتماد عليهم في العديد من المجالات - من التعريف الذاتي للأمة عبر وسائل الإعلام الحديثة إلى تنفيذ مشاريع البنية التحتية عالية التقنية. تبقى قضية الدعم المادي لأنشطة المؤسسات الدينية قضية صعبة ، لن يتم حلها بشكل أساسي دون امتلاكنا طبقة كاملة من رواد الأعمال المسلمين الذين يحبون العمل الخيري والاجتماعي. هؤلاء الرواد ، بالإضافة إلى المفكرين المسلمين ، يعتبرون الركيزة الاجتماعية الأساسية لإنجازات المسلمين المستقبلية، وبمساعدتهم سيجد الإسلام في روسيا وكذلك المجتمع الروسي والعالمي المكان المناسب في المستقبل.

إننا نشعر بالقلق أيضًا إزاء انعدام الحماية الاجتماعية للأئمة ، وتدني مستوى الدعم المادي للجمعيات الدينية ، وبالتالي انخفاض معدل انخراط الخريجين في المنظمات الدينية. حتى أولئك الذين انخرطوا بعد التخرج للعمل في المجال الديني ، بعد بضع سنوات ، بعد أن يصبح لديهم أسرة وأطفال يتركون العمل في المجال الديني بسبب عدم وجود الاهتمام لحل قضاياهم المادية والقضايا المتعلقة بالإسكان.

لا يزال مستوى القدرة التنافسية لمؤسساتنا التعليمية دون المستوى المطلوب فكثير من الشباب الباحثين عن التعليم الإسلامي يميلون إلى الدراسة في الخارج. على سبيل المثال ، فقط في إحدى جامعات العالم الإسلامي ، وبالتحديد في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة ، والتي يشارك مديرها في اجتماعنا اليوم يدرس حوالي 200 طالب من روسيا 170 منهم من في مرحلة البكلاريوس و 15 في مرحلة الماجستير وثلاثة في مرحلة الدكتوراه.

من الواضح أن جزءًا معينًا من طلابنا يسعى للبقاء في بلدان العالم الإسلامي للإقامة الدائمة ، وهذا هو اختيارهم. لكن في الغالبية ، سيعود معظمهم إلينا رغم أن آليات تكيفهم وتكاملهم ، والأهم من ذلك معادلة شهائدهم غير متمكنة .

نحن نعتبر أنه من المهم جدا إقامة تعاون بناء مستمر مع إدارات الجامعات الكبرى في العالم الإسلامي ، حيث أن دراسة عدد كبير من الروس في تلك الجامعات يعود بالنفع لجميع الأطراف ، بحيث يمكن استخدام المعرفة الإسلامية التي اكتسبها مواطنونا خارج روسيا بالصورة المناسبة في بلدنا. نحن ممتنون لرؤساء وشيوخ الجامعات الإسلامية العالمية الشهيرة الذين تربطنا بهم علاقات تعاونية متطورة.                

تعتبر تجزئة المسلمين واحدة من أصعب التحديات الداخلية للمجتمع الإسلامي الروسي حيث تتجلى في عدة أمور في وقت واحد: مثل الانقسام التنظيمي وتنظيم الجمعيات الدينية على أساس عرقي وتعميق الخلافات الدينية الداخلية ذات الطابع العقائدي.

مجموع هذه العوامل يهيئ الأرضية الخصبة لكي تظهر على المشهد الإسلامي مجتمعات مغلقة أو كمايسميها البعض بالمناطق "العمياء".هذه المجتمعات أو الدوائر ، تعيش حياتهم المستقلة ولا تشارك في الحياة الإسلامية العامة ولافي المجتمع المدني. نحن لا نعتبرهم متطرفين مخالفين ولكن مثل هذه الجيوب أو المجموعات الهامشية تعتبر حاضنات مثالية لأنواع مختلفة من الأفكار المخربة.

الإسلام بطبيعته دين اجتماعي مفتوح وشفاف. و في اعتقادي ان عيبنا ايضا يكمن في عدم صلابة الهيكل الداخلي للإدارة الدينية لدينا ، وعلينا أن نعمل على تعزيزها وتقويتها ، وفي هذا آمل أن أحظى بدعم السادة المشاركين في المؤتمر .كما يتوافق ميثاق الإدارة الدينية ، التي تم اعتماده بالإجماع خلال المؤتمر المقام في عام 2014 ، مع الآية الكريمة : "وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا" (آل عمران ، آية 103).

إن وحدتنا الهيكلية والتنظيمية اليوم شرطاُ أساسياُ لوجودنا الذاتي غدًا. يجب ألا نسمح بتغيير الأهداف الإستراتيجية لتحقيق الإنجازات للمجتمع الإسلامي بأكمله بأهداف تجعلنا نسعى لتحقيق نجاجات محلية و مناطقية. على الرغم من الاغراءات الخارجية المقدمة للهياكل المستقلة ، فإن البديل لمركز فيدرالي منظم بشكل هرمي ماهو الا تخفيض تأثير المكون الإسلامي إلى المستوى المناطقي ، وفقدان أهميته على المستوى الوطني.

 

تحديات خارجية

 

عند الحديث عن التحديات الخارجية ، سأبدأ بالحديث عن المخاطر التي تمثلها التعاليم المتطرفة والمنظمات الإرهابية. الحمد لله تعالى ، فقد انخفض النشاط الإرهابي في الآونة الأخيرة على أراضي روسيا بشكل كبير ، وساهم في هذا النجاح بشكل كبير ممثلو السلطة التنفيذية من رجال القانون وهيئات الأمن الخاصة ، وكذلك مؤسساتناالتي تعمل يوميًا في مجال تثقيف المسلمين. ولكن الغفلة غير مقبولة تمامًا ، تبقى التهديدات متواجدة بشكل واقعي .

كما أن عدم وجود العدد الكافي من المساجد وغيرها من البنى التحتية الإسلامية بإعتقادي تعتبر من المشكلات ذات الطابع الخارجي، لأنه في أغلب الحالات تكون المشاكل مرتبطة بالتهديدات التخيلية والرهاب وعدم الرغبة في حل المشكلة من جانب السلطات المحلية والإقليمية. من غير الصواب أن نربط موضوع المساجد براحة أو إزعاج السكان المحليين. نسمع من المسؤولين أن وجود مسجد في منطقة ما سيكون بمثابة إزعاج للسكان المحليين ، على الرغم من أننا في القرن الحادي والعشرين كأناس متحضرين قادرون على الاتفاق على قواعد حسن معاملة الجيران و خاصة في بلدنا.

يقولون أيضًا بأن المصاعب والمشقات التي يتحملها أولئك الذين يصلون تحت زخات الثلج والمطر ، في الصقيع الشديد ، في البرك ، في الوحل ، لا تستحق قلقنا ، لأن هؤلاء الناس أتوا إلينا مؤقتًا وسيغادرون إلى وطنهم قريبًا. بالطبع ، إن إخواننا الذين ، على الرغم من هذه المصاعب الشديدة يقيمون الصلوات في الشوارع يستحقون الاحترام ، فإنهم يفعلون ذلك بدافع الرغبة في كسب رضا الله تعالى وليس بسبب الرغبة في القيام بالتمدد الثقافي.

تحليلات الخبراء وتوقعاتهم بشأن زيادة عدد المسلمين في المدن الكبيرة ، تؤكد بأن أقتصادنا في أمس الحاجة إلى العمال المهاجرين أما تحذيرات الخبراء بأن الاحتياجات الدينية للمسلمين لن تذوب من تلقاء نفسها ، بل سيتم التعبير عنها في بنية تحتية مغلقة فقد عبرت عن رأيي بشأنها في مجلس الدوما في روسيا الاتحادية ولكن لسبب ما لا تصل إلى اهتمام الكثير من المسؤولين لدينا.

أعترف أنه هناك في بعض الدوائر ثقة في إمكانية إيقاف التغيرات الديموغرافية عن طريق الاندماج القسري لأخواننا المواطنين ، الذين عانوا التهميش مسبقا بإجبارهم على تغيير دينهم. من المحتمل أن تكون هذه الاستراتيجية ناجحة فيما يتعلق بجزء من السكان. ولكن بالنسبة للبقية الأخرى ، فإن هذا الأمر سيلاقي رفضاً شديداً وقد يؤدي إلى تدمير السلام العالمي بين الأديان ، وزعزعة استقرار المجتمع.

في الآونة الأخيرة بدأت هذه الأفكار بالظهور بشكل علني أكثر وضوحا و نرى في هذا نية سيئة أو سوء فهم لبعض الجماعات في المجتمع. وتشمل هذه الأفكار السخرية من التتار والقول بأنهم شعب مزدوج الديانة من حيث وجهة النظر التاريخية وهذه محاولات لتقليل أهمية الشعوب غير الروسية وغير الأرثوذكسية في تاريخ روسيا وتقويض تاريخهم العريض من خلال تثبيت التماثيل والتواريخ ذات الأهمية الفيدرالية فقط. إننا نعتبر هذه الخطوات هدامة قبل كل شيء للأمن والاستقرار الوطني. إنهم يقوضون ثقة الشعوب الغير معترف بها رسميا في دولتهم ، ويعطلون استراتيجية تشكيل الهوية المدنية الروسية ، ويقللون من قيمة الوثائق السياسة المتفق عليها في وقت سابق بشأن سياسة الدولة الداخلية. بينما يخبرنا تاريخ الدولة الروسية برمته ، دون استثناء ، أن وطننا الأم حقق أكبر قوة على وجه التحديد في تلك الفترات التي اعتمدت فيها قيادته العليا على التكامل ومشاركة كل أطياف المجتمع في صنع القرار وتطوير الدولة وعلى احترام المشاعر الدينية لجميع مكونات المجتمع الروسي.

نعم ، هناك "مسلمون" مستعدون للقبول بأي أعمال موجهة ضد إخوانهم المسلمين. نحن نعلم ما هو نوع الدعم الذي يتم تقديمه لهؤلاء وقياداتهم ، وصولًا إلى حد اعتمادهم على الأفكار المنقولة من منظمات دينية تابعة لأديان أخرى . ويتلقى البعض الأخر إغراءات للعمل بنفس الطريقة.

لكنني أعتقد أن أخلاقنا ، كمؤمنين ، لا تسمح لنا بنشرهذه المعلومات الان ، وأي خداع أو تزوير عاجلاً أم آجلاً سوف يظهر كما يقول الله عن هذا في كتابه الكريم: " وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا" ( الإسراء ، الآية 81).

أولئك الذين يتعاونون اليوم مع أصحاب النوايا السيئة الواضحة للأمة ، أبطال برنامج الدمج القسري للمسلمين ، هادمي الوئام بين الأديان ، سوف يحصلون على لعنة الأمة وسيكونون صفحة سوداء بأعين الأجيال القادمة.

التحدي الآخر هو تفاقم الوضع السياسي في البلاد اليوم ، وتطورسيناريوهات ثورية لروسيا. إننا نقف بحزم على موقف مفاده أن جميع التحولات في المجال السياسي يجب أن تكون سلسة وسلمية دون اصطدامات. ومرجعيتنا في هذا القول هو كلام رب العالمين الذي قال: "وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا" ( الأعراف ، الآية 56).

 

المهام والتطلعات: مستقبل الإسلام في روسيا ودور إدارتنا فيه.

 

 اسمحوا لي أن أقدم لكم رؤيتنا الإستراتيجية للتنمية ليس فقط للسنوات الخمس القادمة ، ولكن حتى عام 2050.

في السنوات العشر المقبلة ، ينبغي أن نهدف إلى تعزيز هيكل الإدارة الدينية ، توسيع أنشطتها في 70 كيانًا من كيانات الاتحاد الروسي وتطوير مشاريع البنية التحتية الإسلامية. كما ينبغي علينا التخطيط لفترة زمنية أطول لبناء جامع كبير في كل المدن الروسية التي يصل تعداد سكانها الى المليون وكذلك في كل عواصم كيانات الاتحاد الروسي.  

الأهداف التي وضعناها تتطلب درجة عالية من التوافق والانضباط. وآمل أن يساندنا في هذا الأمر المؤسسات الدينية المركزية الإقليمية التي تتبع الادارة الدينية لمسلمي روسيا ورؤساء المؤسسات الدينية المركزية التابعة لمجلس شورى مفتي روسيا الذين أتمنى أن تصلهم رسالتي بشكل صحيح وأن يدركوا الاتجاه الوحيد لتطوير إدارتنا.

أعتقد بأن مهمة جيلي من الأئمة ، الذين نشأوا في عهد الاتحاد السوفيتي وبالتحديد في بخارى وطشقند والذين فعلوا الكثير من أجل إنعاش الإسلام في روسيا في فترة ما بعد الاتحاد السوفيتي ، تتمثل في إيجاد آليات عمل لنقل القيادة إلى جيل جديد سيحل محلنا . من المهم جدًا ألا تؤدي هذه العملية الى نشوب خلافات داخلية وفقدان الاستقرار لمنظماتنا و لكي تكون المراكز الدينية أكثر متانةُ ، أرى أيضًا أنه من الضرورة رفع متطلبات المؤهلات العلمية والتأهيلية و شروط العمر للأشخاص الراغبين في شغل مناصب دينية عليا. فمن أجل الحصول على لقب المفتي ، يجب أن يكون لدى المرشح خبرة لا تقل عن 15الى20 سنة من العمل في المجال الديني وأن تكون له أعمال علمية وعقائدية وخبرة في الإدارة والتوجيه.     

في ظل التنوع الكبير بين الشعوب والثفافات نحن اليوم بأمس الحاجة إلى المؤسسات الدينية والوطنية والاجتماعية لكي لا نذوب في هذا التنوع الهائل . أرى بأن مستقبل الإدارة الدينية الموحدة للمسلمين التي لن يكون لها بديل لا في العقود المقبلة ولا حتى بعد قرن ، مرهونا بحمايتها من الانقسامات والفتن ، من خلال سن القوانين وتنظيم الهيكل الداخلي ، وكذلك من خلال إيجاد فريق عمل متعاون من العلماء والمفكرين الذين يتبادلون أفكاراهم وأرائهم من أجل الدفاع عن مؤسستهم من الأخطار الممكنة.

أرى أيضا ضرورة تطوير العلوم والتعليم عن طريق تكوين مجلس علمي لمناقشة الرسائل أو الأطروحات لنيل شهادات الدكتوراة ومابعد الدكتوراة في في العقيدة الإسلامية بغض النظر عن ما إذا كانت الشهائد ستصدر من قبل لجنة التقييم العليا في وزارة التعليم العالي أومن الجامعات المخولة من الوزارة بإصدار تلك الشهائد كما.يجب أن تنضج البيئة العلمية والعقائدية والفكرية للمسلمين الروس عن طريق مضاعفة نشر الأعمال العقائدية والتعليمية ويجب أن تكون مواضيع مشروعات التخرج أو رسائل الماجستير و الدكتوراة تدور حول القضايا التي تهم مسلمي روسيا والعالم اليوم.

يجب أن تكون الأولوية لتعليم نخبة المسلمين الروس وللاستثمار في الطاقة البشرية. كما أرى أنه من الضروري أيضاً أن نغرس في شبابنا شعور الإحساس بالمسؤولية عن أنفسهم وأسرهم وأمتهم ومنطقتهم ودولتهم. قبل بضعة أسابيع نال الأخ ضمير يعسوبوف وسام بطل روسيا واستحق محبة الشعب الروسي بأكمله لما قام به من إنقاذ للطائرة التي كانت تحمل 233 شخصا. اليوم المسلمون يشعرون بالفخر والإعتزاز بهذا الإنجاز الذي قدمه ضمير يعسوبوف وأيضا لكون الأخ ضمير ممن اعتادوا على الصلاة في المساجد. لهذا قررنا أن نمنحه وسام "الجدارة".

آمل حقاً أن يتخذ شبابنا المتدينون من ضمير يعسوبوف مثالاً في فهم أنه من أجل عزة الإسلام والأمة الإسلامية ليس كافياً قضاء الكثير من الوقت في المسجد أوكثرة الدعاء فحسب ، ولكن دون ترك الصلاة ودون الاقتراب من الحرام يجب علينا أن نعمل بجد وأن نكون محترفين وبارعين في مجالات عملنا وأن نشعر بمسؤوليتنا تجاه الاخرين. أتذكر هنا الكلام الجميل الذي عبر به مولانا جلال الدين الرومي عن هذه الفكرة حين قال : "لا ينبغي أن يجد في داخلنا الكسل محلا، فالسعي هو ما يعنيه الأمل".

ومن الأمثلة البارزة الأخرى لظهور جيل جديد من المسلمين الروس ، هو اللاعب الرياضي " حبيب نورمحمدوف" ، الذي حقق نجاحًا هائلاً في مجال الرياضة بالمثابرة والعزيمة. هناك العديد من الاراء المختفلة بين علمائنا فيما يتعلق بجواز فنون القتال ، لأنها مرتبطة بطريقة أو بأخرى بإيذاء شخص آخر. لكنني أعتقد أن حبيب نورمحمدوف هو محمد علي في عصرنا ، الذي يرفع صوته بشكل ثابت دفاعًا عن الإسلام و الذي كسب حب واحترام الملايين من أتباع الديانات الاخرى في جميع أنحاء العالم. وهنا أحث شبابنا المسلمين الروس أن يعلموا أن هناك حاجة ماسة إلى موهبتهم وحرفهم في موطنهم الأم ولا يوجد شيء أفضل من خدمة شعبهم ووطنهم. نحتاج إلى مشاريع وبرامج طويلة الأمد للتوعية الدينية والمدنية للمسلمين الروس. يجب علينا إنشاء جيلاً مثقفاً من المسلمين الذين يدركون بأنهم جزءاً من بلدنا وتاريخها وحاضرها ، الذين يعدون أنفسهم مواطنين روس والذين يربطون مستقبلهم بروسيا. لا يوجد بديل عن الالتزام بالقانون والدفاع عن مصالح الفرد بأساليب وطرق مشروعة دستوريا ولا يوجد بديل للحوار مع ممثلي الأديان الأخرى وإن عارضنا هذا فسوف نقود شعبنا إلى الهاوية بالفوضى و إراقة الدماء.     

المكونان الأساسيان المؤسسات وطاقم العمل المثقف والمثابر سيسمحون للإسلام في روسيا بتحقيق أهداف استراتيجية من خلال ما يسمى بمشاريع "الإرادة الطويلة" دون الإنشغال بالإعمال التي تفرضها البيئة الخارجية .

كذلك تعتبر الأسرة مكون اجتماعي هام للنظام الإسلامي. في مساجدنا ومراكزنا الثقافية والتعليمية ، يجب ألا نعمل بشكل منفصل عن الرجال والنساء والأطفال ، بل يجب علينا أن نجد أشكالاً من العمل تستهدف الأسرة المسلمة ككل.

في السنوات المقبلة نستعد لحدثين مهمين وهما الذكرى الـ75 للانتصار في الحرب العالمية الثانية والذكرى الـ1100 لدخول مملكة البلقار أكبر الدول الأوروبية في العصور الوسطى في الإسلام. أنا مقتنع بأنه يجب أن يصاحب هذين الحدثين ، بالإضافة إلى فهمهما والإحساس بقيمتهما ، مشاريع اجتماعية وعلمية وثقافية وتعليمية مفيدة وقيمة.

أدعو جميع إخواني وأخواتي الذين يهتمون بمصير الإسلام في روسيا أن لا يقنطوا ولو لثانية واحدة من رحمة الله وأن لا ينسوا أبدًا أن الله مع الصابرين.                      

وكما يجب علينا أن لاننسى في صلواتنا الدعاء لإخواننا وأخواتنا الذين ساهموا في توعية وتقوية الأمة والذين سبقونا الى القبور كالأكاديميين أدهم تينيشف وميرزا محمدوف و المترجمين لمعاني القرآن الكريم المستعربين محمدنوري عثمانوف و أنس حديثوف والمفتي سيد محمد أبوبكروف ورئيس الجامعة مقصود صديقوف والشيخ سعيد تشيركيسكي والفلاسفة آرتور ساغادييف و حيدر جمال و الأئمة حافظ محمدوف و عبد الباري مسلموف و المربية والمعلمه رشيدة أبيستاي إسحاقي و المهندس المعماري إلياس طاجيف وأعلام أخرون من المسلمين في روسيا ، غفران الله ورحمته عليهم جميعا .

في الختام ، اسمحوا لي مرة أخرى أن أعرب عن امتنانني العميق للقيادة الروسية الممثلة في شخص الرئيس فلاديمير بوتين ولحكومة روسيا الاتحادية وكذلك لمحبي الخيروالتربع والمؤسسات الخيرية الذين يدعمون أنشطتنا ، بما في ذلك صندوق دعم الثقافة والعلوم والتعليم الإسلامي بروسيا و قادة أكبر المراكز العلمية والتعليمية الذين يشرفنا العمل معهم وتنفيذ المشاريع التي تصب في مصلحة الأمة.

أريد أن أختم حديثي بالدعاء الذي كان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم يقوله دائماً :


اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لِي دِينِي الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِي ، وَأَصْلِحْ لِي دُنْيَايَ الَّتِي

فِيهَا مَعَاشِي ، وَأَصْلِحْ لِي آخِرَتِي الَّتِي إِلَيْهَا مَعَادِي ، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ

زِيَادَةً لِي فِي كُلِّ خَيْرٍ ، وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لِي مِنْ كُلِّ شَرٍّ.

وَصَلَّى اللّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أجْمَعِينَ

وَالحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ

   


 2019مسجد موسكو الجامع ، 23 سبتمبر