أكد سماحة المفتي الشيخ راوي عين الدين رئيس الإدارة الدينية لمسلمي روسيا الاتحادية، أن التقدم التقني والتكنولوجي ارتبط مؤخرًا بشكل متزايد بتغير المناخ والعديد من الكوارث البيئية المحلية والعالمية، وجميعنا يتابع الفعاليات المخصصة لأجندات البيئة والمناخ بانتظار وقلق وغالبًا ما تكون الأهداف وخرائط الطريق التي يعلنها السياسيون غير قابلة للتحقيق وطوباوية حتى في مرحلة تبنيها، وفي الواقع، من الصعب للغاية تحقيق عمل موحد وتضامن بين الناس إذا ما خلى العمل من الأساس الأيديولوجي واللاهوتي للعلاقة بين الإنسان والطبيعة
وتابع سماحته: سعياً وراء هدف تطوير التفكير البيئي، نحتاج إلى إعادة النظر في علاقتنا بالطبيعة. وأود أن أضع الأمر على هذا النحو: إنقاذ الكائنات الحية في التقاليد الدينية، كان يُنظر دائمًا إلى الحياة بطريقة ميتافيزيقية: "الحي" هو أحد أسماء الله سبحانه وتعالى. وبالتالي من العناصر المهمة في التفكير الإيكولوجي هو التخلي عن تصور البيئة ليس كخيار بديهي، ولكن كهدية من الله تعالى، ومظهرًا من مظاهر رحمته تعالى وكرمه. وبالاختيار بين غزو الطبيعة والاندماج مع الطبيعة ورفض الدور القيادي فيها، واختيار إدارة معقولة، تقوم على الحس الأخلاقي، وأن يفكر الانسان كاداري لا يهتم بالاستغلال، بل في التوازن والانسجام الداخلي للنظام البيئي العالمي بأكمله
جاء لك خلال كلمة ألقاها سماحته خلال الجلسة الافتتاحية لاجتماعات الدورة السابعة عشرة للمنتدى الإسلامي العالمي تحت عنوان: "من الوعظ البيئي إلى التفكير البيئي: ايجاد الطريقة المثلى للتحدث"، والتي ينظمها المنتدى الاسلامي العالمي والإدارة الدينية لمسلمي روسيا الاتحادية بدعم من صندوق الثقافة الاسلامية والعلوم والتعليم، بمشاركة عدد كبير من الشخصيات الدينية والعامة والعلماء وشخصيات اجتماعية وثقافية من أكثر من 20 دولة
وبالحديث عن تلوث الطبيعة، انقراض الأنواع الحيوية والاحتباس الحراري، قال سماحة المفتي راوي عين الدين: سيكون من التهكم والازدواجية عدم إثارة قضية معاناة الناس الذين يواجهون الجوع، ويحاربون الأمراض المعدية، الذين فقدوا منازلهم ويبحثون عن مأوى. يجب أن نعترف بصدق أن حل مسألة العلاقة بين الإنسان والطبيعة لا يمكن تحقيقه دون حل المشكلة في اطار لإنسان مع الإنسان
وختم سماحته كلمته بقوله أود أن أذكر بمفهومين يلعبان دورًا مهمًا في الإسلام: الإصلاح والتجديد. التجديد يعني التجديد الدائم والداخلي، الذي يظل صادقًا مع أسس التقاليد، بينما يتحدث الإسلام بالأحرى عن الإصلاح بروح التصحيح، ويسير على الطريق الصحيح. وأعتقد أن الترويج لهذه الأفكار سيسمح لنا برؤية الخطر الذي تشكله الأزمة البيئية، وهو الخلاص بالنسبة لنا. دعونا نحافظ على السلام الرائع لكوكب الأرض الذي منحنا إياه الله حياً ومثمراً
لم يكن اختيار "الموضوع البيئي" الذي سيناقشه المنتدى في دورته الحالية، صدفة، خاصة وأنه يأتي بعد انعقاد المؤتمر الـ 26 للأطراف الموقعة على اتفاقیة الأمم المتحدة بشأن تغیر المناخ ( COP26) في غلاسكو، المملكة المتحدة، وكذلك بعد استصافة الفاتيكان لقمة القادة الدينيين المكرسة للقضايا البيئية وتطوير التفكير البيئي، والتي أسفرت عن توجيه رسالة مشتركة إلى المجتمع الدولي وقع عليها أربعين من القادة الدينيين في العالم، تتضمن الدعوة إلى التربية الروحية الشاملة، التي ستعطي أملاً في حدوث تغيير في حالة المناخ العالمي
وسوف يناقش المشاركون في أعمال المنتدى موضوعات رئيسة هامة، تاتي في مقدمتها خصوصیات مھام القادة الدینیین والمدنیین في التربیة البیئیة، الشخصیات الدینیة والخطاب البیئي، العقل الدیني والبیئة، والبعد التطبيقي للخطاب البیئي. البدیل البیئي الأخضر فیما یخص العقیدة الاقتصادیة الدینیة (الاقتصاد الإسلامي، المبادئ الاقتصادیة في الیھودیة والمسیحیة)
ومن بين الشخصيات الدينية المشاركة: سماحة المفتي الشيخ راوي عين الدين رئيس الإدارة الدينية لمسلمي روسيا الاتحادية، فضيلة الدكتور علي ارباش رئيس هئية الشؤون الدينية، فضيلة الدكتور شوقي علام مفتي الديار المصرية، صاحب النيافة المطران إيمانويل أداماكيس، متروبوليت خلقيدونية (البطريركية المسكونية) في اسطنبول، الكاردينال ميغيل أنخيل أيوسو، رئيس المجلس البابوي للحوار بين الأديان (الفاتيكان)، وحجة الاسلام مهدي امانيبور رئيس منظمة للثقافة والعلاقات الإسلامية في جمهورية إيرانالإسلامية، ورئيس جمعية اليهودية الاوربية